وروينا عن ابن عمر عن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سئل عن الايمان، فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.
وقال الامام كمال الدين ابن الزملكاني - رحمه الله تعالى -: وبهذا الترتيب المذكور في الآية سر لطيف، وذلك لان الفوز والكمال والرحمة والخير كله مضاف إلى الله سبحانه وتعالى ومنه والوسائط في ذلك الملائكة، والقابل لتلك الرحمة هم الأنبياء والرسل، فلا بد أولا، من أصل، وثانيا: من وسائط، وثالثا: من حصول تلك الرحمة، ورابعا: من وصولها إلى القابل لها بالأصل المفيض للخيرات والرحمة من الله تعالى، ومن أعظم رحمة رحم بها عباده إنزال كتبه إليهم، والموصل لها هم الملائكة، والقابل لها المنزل عليهم هم الأنبياء، فجاء الترتيب كذلك بحسب الواقع.
الرابع: في مبدأ خلقهم والدلاة على أنهم أجسام خلافا للفلاسفة روى مسلم عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم.
وروى أبو الشيخ في كتاب " العظمة " عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: " خلق الله تعالى الملائكة من نور العزة ".
وروى أبو الشيخ عن يزيد بن رومان، أنه بلغه أن الملائكة خلقت من روح الله تعالى.
الخامس: في فضلهم وشرفهم.
لا نزاع بين العقلاء المثبتين للملائكة في فضلهم وشرفهم، وعلو مرتبتهم وطهارتهم، منهم الكرام البررة المطهرون، العباد المكرمون، وقد اشتمل القرآن الكريم من فضائلهم وذكر شرفهم عن مقامهم على ما لا يخفى، وجعل الله تعالى الايمان بهم تاليا للايمان به كما تقدم تقريره، ومن شرفهم أن الله سبحانه وتعالى جعل شرفهم شهادتهم بالقسط تلو شهادته، فقد قال تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط) [آل عمران 18] ومن شرفهم قوله تعالى: (وله من في السماوات والأرض ومن عنده) [الأنبياء 19] فخصهم بالتعبدية المقتضية لقرب التكريم والتشريف.
وقوله تعالى: (يسبحون الليل والنهار لا يفترون) [الأنبياء 20] وقوله عز وجل:
(وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون). وقوه تعالى: (بأيدي سفرة كرام بررة) [عبس 15، 16].
وقوله عز وجل: (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين) [الانفطار 10، 11] إلى غير ذلك من الآيات.