إجماعا، لان مثل هذا يحط منصبه المتسم به، ويزري بصاحبه، وينفر القلوب عنه، والأنبياء منزهون عن ذلك. بل يلحق بهذا ما كان من قبل المباح، فأدى إلى مثله، لخروجه بما أدى إليه عن اسم المباح إلى الحظر.
وقد ذهب بعضهم إلى عصمتهم من مواقعة المكروه قصدا. وقد استدل بعض الأئمة على عصمتهم من الصغائر بالمصير إلى امتثال أفعالهم، واتباع آثارهم وسيرهم مطلقا.
وجمهور الفقهاء على ذلك من أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة من غير التزام قرينة، بل مطلقا عند بعضهم، وإن اختلفوا في حكم ذلك.
وحكى ابن خويز منداد وأبو الفرج، عن مالك، التزام ذلك وجوبا، وهو قول الأبهري وابن القصار وأكثر أصحابنا.
وقول أكثر أهل العراق وابن سريج، والاصطخري، وابن خيران من الشافعية. وأكثر الشافعية على أن ذلك ندب.
وذهبت طائفة إلى الإباحة.
وقيد بعضهم الاتباع فيما كان من الأمور الدينية وعلم به مقصد القربة.
ومن قال بالإباحة في أفعاله لم يقيد. قال: فلو جوزنا عليهم الصغائر لم يمكن الاقتداء بهم في أفعالهم، إذ ليس كل فعل من أفعاله يتميز مقصده من القربة أو الإباحة، أو الحظر، أو المعصية. ولا يصح أن يؤمر المرء بامتثال أمر لعله معصية، لا سيما على من يرى من الأصوليين تقديم الفعل على القول إذا تعارضا.