(لخدمة) (1) لا إله إلا الله، وقيل له: ألا نحرسك؟ فقال: حارس كل إنسان أجله، وإن الاجل جنة حصينة، وقال: كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل، فإنه، لن يقل عمل مع التقوى، وكيف يقل عمل متقبل؟ وقال: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يكثر علمك وحلمك، وتكون مشغولا بعبادة ربك، فإن أحسنت حمدت الله تعالى - وإن أسأت استغفرت الله، فلا خير في الدنيا إلا لاحد رجلين رجل أذنب ذنوبا فهو (يتدارك) (2) ذلك بتوبة، ورجل يسارع بالخيرات وقال: احفظوا عني خمسا فلو ركبتم الإبل في طلبهن لا تصيبوهن، لا يرجون عبد إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يستحي جاهل أن يسأل عما لا يعلم ولا يستحي عالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، الله أعلم، والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له، وقال: إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة، ألا وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، وإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل، ألا إن الفقيه كل الفقيه الذي لا يقنط الناس من رحمة الله، ولا يؤمنهم من عذاب الله، ولا يرخص لهم في معاصي الله، ولا يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره، ولا خير في عبادة لا علم فيها، ولا خير في علم لا فهم فيه، ولا خير في قراءة لا تدبر فيها، وقال: كونوا ينابيع العلم، مصابيح الليل، خلقي الثياب، جدد القلوب، تعرفون في ملكوت السماوات، وتذكرون في الأرض، وقال: أيها الناس، إنكم والله إن حننتم حنين الوالد الثكلان، وجأرتم جؤار مبتلى الرهبان، ثم خرجتم من الأموال والأولاد في التماس القرب إلى الله - عز وجل -، وابتغاء رضوانه، وارتفاع درجة عنده أو غفران سيئة، كان ذلك قليلا فيما يطلبون من جزيل ثوابه، والخوف من عقابه، والله لو سألتم إصلاح عيوبكم رغبة ورهبة إليه - سبحانه وتعالى - ثم عمرتم عمر الدنيا مجدين في الأعمال الصالحة - ولم تبقوا شيئا من جهد كم لما دخلتم الجنة بأعمالكم، ولكن برحمته - سبحانه وتعالى -، جعلنا الله وإياكم من التائبين أو العابدين، أو كما قال.
وقال لكميل بن زياد: القلوب أوعية وخيرها أوعاها، فاحفظ ما أقول لك: الناس ثلاثة، فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، مع كل ريح يميلون لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق، العلم خيرك لك من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة، العلم حاكم، والمال محكوم