واحد؟!! فقلت: لا حاجة لي بفراشكما، أفرش نصف إزاري، وأما الوسادة فإني أضع رأسي مع رأسكما من وراء الوسادة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته ميمونة بما قال ابن عباس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا شيخ قريش ".
السادس عشر في فزعه إلى الصلاة عند شدة تعرقه روى الطبراني عن حسان - رضي الله تعالى عنه - قال: بدت لنا معشر الأنصار حاجة إلى الوالي، وكان الذي طلبنا إليه أمرا صعبا فمشينا إليه برجال من قريش وغيرهم فكلموه وذكروا له وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا، فذكر لهم صعوبة الامر فعذره القوم وألح عليه ابن عباس فوالله ما وجد بدا من قضاء حاجته، فخرجنا حتى دخلنا المسجد فإذا القوم أندية، قال حسان فضحكت، وأنا أسمعهم إنه والله كان أولاكم بها، إنها والله صبابة النبوة ووراثة أحمد ويهديه أعرافه، وانتزاع شبه طباعه فقال القوم: أجمل يا حسان، فقال ابن عباس: صدقوا فأجمل فأنشأ حسان يمدح ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - إذا ما ابن عباس بدالك وجهه * رأيت له في كل مجمعة فضلا إذا قال لم يترك مقالا لقائل * بمنتظمات لا ترى بينها فصلا كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع * لذي أرب في القول جدا ولا هزلا سموت إلى العلياء بغير مشقة * فنلت ذراها لا دنيا ولا وغلا خلقت خليفا للمروءة والندي * بليجا ولم تخلق كهاما ولا خبلا فقال الوالي: ما أراد بالكهام غيري والله بيني وبينه.
السابع عشر: في وفاته - رضي الله تعالى عنه - توفي بالطائف.
روى الطبراني برجال الصحيح عن سعيد بن جبير - رحمه الله تعالى - قال: مات ابن عباس - رحمه الله - ورضي الله عنه بالطائف، وشهدنا جنازته فجاء طائر لم يرى على خلقه، حتى دخل في نعشه ثم لم يرى خارجا منه، فلما دفن تليت هذه الآية على القبر (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) [الفجر / 27، 30].
وروى أيضا عن عبد الله بن ياسين عن أبيه نحو إلا أنه قال: جاء طائر أبيض يقال له:
الغرنوف قال يحيى بن بكير - رحمه الله تعالى -: توفي عبد الله بن عباس سنة ثمان وستين وهو ابن إحدى أو اثنتين وسبعين سنة، وكان يصفر لحيته.