قال: نزلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران فخرجت من خبائي فإذا نسوة يتحدثن، فأعجبنني، فرجعت، وأخرجت حلة لي، فلبستها، ثم جلست إليهن، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبته، فقال: (أبا عبد الله ما يجلسك إليهن؟) قال فهبت رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلطت، وقلت: يا رسول الله جمل لي شرود فأنا أبتغي له قيدا، قال: (فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبعته، فألقى إلي رداءه، ودخل في الأراك، فكأني أنظر إلي بياض قدميه في خضرة الأراك، فقضى حاجته، ثم توضأ، ثم جاء، فقال: (أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟) ثم ارتحلنا، فجعل لا يلحقني في مسير إلا قال: (السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟) قال: فتعجلت إلى المدينة، واجتنبت المسجد، ومجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما طال علي ذلك تحينت ساعة خلوة المسجد، فأتيت المسجد فجعلت أصلي، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره فجاء فصلى ركعتين خفيفتين، ثم جلس، وطولت الصلاة، رجاء أن يذهب، ويدعني، فقال: (طول أبا عبد الله ما شئت فلست بقائم حتى تنصرف)، فقلت: والله لأعتذرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرفت، فقال: (السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟) فقلت: والذي بعثك بالحق نبيا ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت، فقال: (رحمك الله مرتين أو ثلاثا)، ثم أمسك عني، فلم يعد لشئ مما كان (1).
وروى ابن أبي خيثمة عن عون بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (عون؟) قلت: نعم يا رسول الله قال: (ادخل)، قلت: كلي؟ قال:
(كلك).
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن عبد الله بن بسر المازني رضي الله تعالى عنهما قال: بعثتني أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطف من عنب فأكلته، فسألت أمي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا)، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآني قال: (غدر غدر).
وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم، ولم أبدن، فقال للناس: (تقدموا)، فتقدموا، ثم قال:
(تعالي حتى أسابقك)، فسابقته، فسبقته، فسكت عني: حتى حملت اللحم، وبدنت، ونسيت، ثم خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: (تقدموا)، ثم قال: (تعالي أسابقك)، فسبقني، فجعل يضحك، ويقول: (هذه بتلك) (2).