الحاجة، وقل أن وصله مال إلا فرقه " (١). وفي الفصل المتقدم المعقود لكرم أخيه (عليه السلام) وقصة المرأة التي ذبحت الشاة وما وصلها به لما أن جاءته بعد أخيه الحسن من إعطائها الألف دينار وشرائه لها الألف شاة (٢) ما يعرفك أن الكرم ثابت لهؤلاء القوم حقيقة ولغيرهم مجاز، إذ كل واحد منهم ضرب فيه بالقدح المعلى، فحاز منه ما حاز، فهم بحار يجارون (٣) الغيوث سماحة، ويبارون الليوث حماسة، ويعدلون الجبال حلما ورجاحة، فهم البحور الزاخرة والسحب الهامية الماطرة، وفيه يقول الشاعر:
فما كان من جود أتوه فإنما * توارثه آباء آبائهم قبل وهل ينبت الخطى إلا وشجه (٤) * وتغرس إلا في مغارسها النخل قال أنس: كنت عند الحسين (عليه السلام) فدخلت عليه جارية بيدها (٥) بطاقة ريحان [فحيته بها] فقال [لها]: أنت حرة لوجه الله تعالى [وبهر أنس فانصرف يقول] فقلت له: جارية تحييك (٦) بطاقة ريحان لا حظ (٧) لها ولا بال فتعتقها؟! فقال: [كذا أدبنا الله] أما سمعت قوله تعالى ﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها﴾ (8) وكان أحسن منها عتقها (9).