سموا على الأمثال وشرفوا. تقر الشقاشق إذا هدرت شقاشقهم، وتصغي الأسماع إذا قال قائلهم أو نطق ناطقهم، ويكشف الهوى إذا أفلست (1) به خلايقهم، ويقف كل ساع عن شأوهم فلا يدرك فايتهم ولا ينال طرايقهم، سجايا منحهم بها خالقهم، وأخبر بها صادقهم، فسر بها أولياؤهم وأصدقاؤهم (2) وحزن لها مباينهم ومفارقهم.
وقد حل الحسين (عليه السلام) من هذا البيت الشريف في أوجه وارتفاعه، وعلا (3) محله فيه علوا تطامنت النجوم عن ارتفاعه، واطلع بصفا سره على غوامض المعارف فانكشفت له الحقايق عند اطلاعه، وطار (4) صيته بالفضائل والفواضل فاستوى الصديق والعدو في استماعه، ولما انقسمت غنائم المجد حصل على صعابها (5) ومرتاعه (6)، فقد اجتمع فيه وفي أخيه (عليها السلام) من خلال الفضائل ما لا خلاف في اجتماعه. فكيف لا يكونا كذلك وهما أبنا علي وفاطمة وسبطان لمن كان سيد النبيين والمرسلين وخاتمهم والحسين (عليه السلام) هو الذي أرضى غرب السيف والسنان ومال إلى منازلة الابطال والشجعان.
قال الشيخ كمال الدين بن طلحة: اعلم أن الشجاعة من المعاني القائمة بالنفوس ولها رجال أبطال وصناديد الشؤوس ولا يعرف صاحبها إلا إذا ضاق المجال واشتد القتال وأحدقت الرجال بالرجال، فمن كان مجزاعا مهلاعا فنراه يستركب الهزيمة ويستقبلها (7) يستوصب الدنية ويتطوقها، ويستعذب المغرة ويستوثقها (8)، ويستصحب