وحكي أنه لما توجه أبو جعفر منصرفا من بغداد إلى المدينة الشريفة خرج معه الناس يشيعونه للوداع فصار إلى أن وصل إلى باب الكوفة عند دار المسيب فنزل هناك مع غروب الشمس، ودخل إلى مسجد قديم مؤسس بذلك الموضع ليصلي فيه المغرب، وكان في صحن المسجد شجرة نبق (1) لم تحمل قط، فدعا بكوز فيه ماء فتوضأ في أصل الشجرة [النبقة] وقام يصلي فصلى معه الناس المغرب، فقرأ في الأولى الحمد وإذا جاء نصر الله والفتح، وقرأ في الثانية بالحمد وقل هو الله أحد [وقنت قبل ركوعه فيها وصلى الثالثة وتشهد وسلم] ثم بعد فراغه جلس هنيئة يذكر الله تعالى وقام فتنفل بأربع ركعات وسجد بعدهن سجدتي الشكر، ثم قام فوادع الناس وانصرف فأصبحت النبقة وقد حملت من ليلتها حملا حسنا، فرآها الناس وقد تعجبوا في ذلك غاية العجب ثم ما كان هو أغرب وأعجب من ذلك أن نبقة هذه الشجرة لم يكن لها عجم (2) فزاد تعجبهم من ذلك أكثر وأكثر. وهذا من بعض كراماته الجليلة ومناقبه الجميلة (3).
(١٠٤٨)