المهمندار إلى ابن تيمية، وقال له:
قد رسم مولانا ملك الأمراء بأن تسافر غدا، وكذلك راح إلى قاضي القضاة، فشرعوا في التجهيز، وسافر صحبة ابن تيمية أخواه عبد الله وعبد الرحمن، وسافر معهم جماعة من أصحاب ابن تيمية.
وفي سابع شوال وصل البريدي إلى دمشق، وأخبر بوصولهم إلى الديار المصرية، وأنه عقد لهم مجلس بقلعة القاهرة بحضرة القضاة والفقهاء والعلماء والأمراء: فتكلم الشيخ شمس الدين عدنان الشافعي وادعى على ابن تيمية في أمر العقيدة، فذكر منها فصولا.
فشرع ابن تيمية فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وتكلم بما يقتضي الوعظ، فقيل له: يا شيخ إن الذي تقوله نحن نعرفه، وما لنا حاجة إلى وعظك، وقد ادعي عليك بدعوى شرعية فأجب.
فأراد ابن تيمية أن يعيد التحميد، فلم يمكنوه من ذلك، بل قيل له: أجب.
فتوقف، وكرر عليه القول مرارا، فلم يزدهم على ذلك شيئا، وطال الأمر، فعند ذلك حكم القاضي المالكي بحبسه وحبس أخويه معه.
فحبسوه في برج من أبراج القلعة فتردد إليه جماعة من الأمراء، فسمع القاضي بذلك، فاجتمع بالأمراء، وقال: يجب عليه التضييق إذا لم يقتل، وإلا فقد وجب قتله، وثبت كفره.
فنقلوه إلى الجب بقلعة الجبل، ونقلوا أخويه معه بإهانة.
وفي سادس عشر ذي القعدة وصل من الديار المصرية قاضي القضاة نجم الدين بن صصري، وجلس يوم الجمعة في الشباك الكمالي، وحضروا القراء والمنشدون، وأنشدت التهاني، وكان وصل معه كتب ولم يعرضها على نائب السلطنة، فلما كان بعد أيام عرضها عليه، فرسم ملك الأمراء بقراءتها والعمل بما