ثم نقلوه ليتحققوا أمره. فقالوا: ما تقول في قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله}؟
فأجاب بأجوبة تحققوا أنه من الجهلة على التحقيق، وأنه لا يدري ما يقول.
وكان قد غره بنفسه ثناء العوام عليه، وكذا الجامدون (1) من الفقهاء، العارون عن العلوم التي بها يجتمع شمل الأدلة على الوجه المرضي.
وقد رأيت في فتاويه ما يتعلق بمسألة الاستواء، وقد أطنب فيها، وذكر أمورا كلها تلبيسات وتجريات خارجة عن قواعد أهل الحق، والناظر فيها إذا لم يكن ذا علوم وفطنة وحسن روية، ظن أنها على منوال مرضي.
ومن جملة ذلك بعد تقريره وتطويله: (إن الله معنا حقيقة، وهو فوق العرش حقيقة، كما جمع الله بينهما في قوله تعالى: {هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير}، فأخبر: أنه فوق العرش يعلم كل شئ، وهو معنا أينما كنا).
هذه عبارته بحروفها.
فتأمل - أرشدك الله تعالى - هذا التهافت، وهذه الجرأة بالكذب على الله تعالى: أنه - سبحانه وتعالى - أخبر عن نفسه أنه فوق العرش، ومحتجا بلفظ الاستواء الذي هو موضوع بالاشتراك، ومن قبيل المجمل.
وهذا وغيره مما هو كثير في كلامه يتحقق به جهله وفساد تصوره وبلادته.
وكان بعضهم يسميه: حاطب ليل، وبعضهم يسميه: الهدار المهذار.
وكان الإمام العلامة شيخ الإسلام في زمانه أبو الحسن علي بن إسماعيل