(بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله الذي تنزه عن الشبيه والنظير، وتعالى عن المثل، فقال تعالى: ﴿ليس كمثله شئ وهو السميع البصير﴾ (1).
نحمده على ما ألهمنا من العمل بالسنة والكتاب، ورفع في أيامنا أسباب الشك والارتياب.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير، وينزه خالقه عن التحيز في جهة، لقوله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير} (2).
ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي نهج سبيل النجاة لمن سلك سبيل مرضاته، وأمر بالتفكر في الآيات، ونهى عن التفكر في ذاته، صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين علا بهم منار الإيمان وارتفع، وشيد الله بهم من قواعد الدين الحنيفي ما شرع، وأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع.
وبعد:
فإن القواعد الشرعية، وقواعد الإسلام المرعية، وأركان الإيمان العلمية، ومذاهب الدين المرضية، هي الأساس الذي يبنى عليه، والموئل الذي يرجع كل أحد إليه، والطريق التي من سلكها فاز فوزا عظيما، ومن زاغ عنها فقد استوجب عذابا أليما: ولهذا يجب أن تنعقد أحكامها: ويؤكد دوامها: وتصان عقائد هذه الأمة عن الاختلاف: وتزان بالرحمة والعطف والائتلاف: وتخمد ثوائر البدع، ويفرق من فرقها ما اجتمع.
وكان ابن تيمية في هذه المدة قد بسط لسان قلمه، ومد بجهله عنان كلمه،