انظر - بصرك الله تعالى - ما في هذا الكلام من الإبهام والتدليس، فإنه قال:
(وقد احتج الشيخ أبو محمد على جواز السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم: بأن النبي كان يزور قباء).
ولم يذكر: (راكبا وماشيا)، لأن الراكب قد شد الرحل، وهو لا غرض له في ذلك.
وأيضا فلم يذكر غير الشيخ أبي محمد، وهو يوهم انفراده بذلك، ولم ينفرد كما أذكره من بعد.
وقوله: أجاب - يعني أبا محمد - عن حديث (لا تشد الرحال): بأن ذلك محمول على نفي الاستحباب.
وهو يوهم: أن ذلك لم يقله إلا الشيخ أبو محمد، وهو من التدليس الذي هو كثير الاعتناء به، والمكر السيئ.
قوله: أما الأولون يعني القائلين بتحريم السفر، وعدم جواز القصر في سفر المعصية، فإنهم يحتجون بما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي) هذا، وهذا الحديث اتفق الأئمة على صحته والعمل به.
وهو يوهم أنهم احتجوا لتحريم (1) قبور الأنبياء وقبر النبي صلى الله عليه وسلم به.
وهو من التدليس الفاحش، وهو مطالب: بأن الأولين صرحوا: بأن شد الرحال وإعمال المطي إلى قبره وقبر الخليل إبراهيم - عليهما الصلاة والسلام - حرام ومعصية، ولا تقصر فيه الصلاة.
وهذا لا يجده، بل الموجود غيره والندب إلى ذلك، كما يأتي إن شاء الله، وقد خاب من افترى.