وتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (كان الله ولا شئ معه).
وفي البخاري من رواية عمران بن حصين رضي الله عنه: (كان الله ولم يكن شئ قبله).
وليس وراء ذلك (إلا) زيغ وكفر، فإن الدين ما قاله عز وجل وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد قال: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم} هو الأول قبل كل شئ بلا ابتداء، كان ولم يكن شئ موجودا، والآخر بعد فناء كل شئ بلا انتهاء ويبقى هو.
والظاهر هو الغالب على كل شئ.
والباطن هو العالم بكل شئ. هذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما.
والأقوال في ذلك كثيرة: ومنها قول أبي القاسم الجنيد: نفي القدم عن كل أول بأوليته، ونفي البقاء عن كل آخر بآخريته، واضطر الخلق إلى الإقرار بربوبيته لظاهريته، وحجب الأدرك عن إدراكه كنهه وكيفيته بباطنيته.
وقال أيضا: هو الأول بشرح القلوب، والآخر بغفران الذنوب، والظاهر بكشف الكروب، والباطن بعلم الغيوب.
وقال السيد الجليل محمد بن الفضل: الأول ببره، والآخر بعفوه، والظاهر بإحسانه، والباطن بستره.
ومن حق العبد أن يجعل له حظا من هذا الخطاب، فيزين ظاهره بأنواع الخدمة، ويزين باطنه بأنوار الهيبة، ويحقق جميع أفعاله وحركاته وسكناته وسائر طاعاته وقرباته بالصدق والإخلاص، لقوله عز وجل: {والله بكل شئ عليم}.
وسأل عمر رضي الله عنه كعب الأحبار عن معنى هذه الآية، فقال: إن علمه بالأول كعلمه بالآخر، وعلمه بالظاهر كعلمه بالباطن.