وقال أهل المعاني وأرباب القلوب: العزيز من ضلت العقول في بحار تعظيمه، وحارت الألباب دون إدراك نعته، وكلت الألسن عن استيفاء مدح جلاله ووصف كماله، والقيام بشكر آلائه.
وقوله: {حكيما} أي حكم على الأعداء بدوام العذاب، كما حكم للأولياء بدوام النعيم، فلا يعلم كنه حقيقة حكمته غيره، فلا شئ من الأشياء إلا وفيه من حكمته على وفقه لمناسبته.
وقال تعالى: {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق}.
وقال: {فلن نزيدكم إلا عذابا}.
وقال تعالى: {كلما خبت زدناهم سعيرا}.
وقال تعالى: {يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم}.
وقال تعالى {إن عذابها كان غراما}، أي مقيما ملازما، فكل عذاب يفارق صاحبه فليس بغرام. والآيات في ذلك كثيرة جدا.
وأما السنة فطافحة بذلك، وتدل على إخراج المؤمنين دون غيرهم، حتى يخرج من في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، وفي رواية: مثقال ذرة من خير، فأقول:
يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن، أي وجب عليه الخلود.
قال الله تعالى: {لهم فيها دار الخلد} إلى غير ذلك.
ولأن العذاب يدوم بدوام سببه بلا شك ولا ريب، وهو قصد الكفر وبقاء العزم عليه، ولا شك أنهم لو عاشوا أبد الآباد لاستمروا على كفرهم.