فحرق العباس ضمار ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم. وروى أبو جعفر العقيلي عن رجل من بنى لهب يقال له لهيب أو لهيب بن مالك قال حضرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت عنده الكهانة فقلت بأبي وأمي نحن أول من عرف حراسة السماء وزجر الشياطين ومنعهم من استراق السمع عند قذف النجوم وذلك أنا اجتمعنا إلى كاهن لنا يقال له خطر بن مالك وكان شيخا كبيرا قد أتت عليه مائتا سنة وثمانون سنة وكان من أعلم كهاننا فقلنا له يا خطر هل عندك علم من هذه النجوم التي يرمى بها فانا قد فزعنا لذلك وخفنا سوء عاقبتها فقال إئتوني بسحر أخبركم الخبر الخير أم ضرر أو لامن أو حذر قال فانصرفنا عنه يومنا فلما كان من غد في وجه السحر أتيناه فإذا هو قائم على قدميه شاخص في السماء بعينيه فناديناه يا خطر يا خطر فأومأ إلينا أمسكوا فأمسكنا فانقض نجم عظيم من السماء وصرخ الكاهن رافعا صوته أصابه أصابه خامره عقابه عاجله عذابه أحرقه شهابه زايله جوابه يا ويله ما حاله بلبله بلباله عاوده خباله تقطعت حباله وغيرت أحواله. ثم أمسك طويلا يقول يا معشر بنى قحطان:
أخبركم بالحق والبيان * أقسمت بالكعبة والأركان والبلد المؤتمن السدان * قد منع السمع عتاة الجان بثاقب بكف ذي سلطان * من أجل مبعوث عظيم الشأن يبعث بالتنزيل والفرقان * وبالهدى وفاضل القرآن تبطل به عبادة الأوثان قال فقلت ويحك يا خطر إنك لتذكر أمرا عظيما فماذا ترى لقومك فقال أرى لقومي ما أرى لنفسي * أن يتبعوا خير نبي الانس برهانه مثل شعاع الشمس * يبعث في مكة دار الحمس بمحكم التنزيل غير اللبس