سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين قام يحثى (1) في وجوههم التراب ويقول إن كنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فانى لا أحل لك أن تدخل حائطي وقد ذكر لي أنه اخذ حفنة من تراب في يده ثم قال والله لو أعلم أنى لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها في وجهك فابتدره القوم ليقتلوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتلوه فهذا الأعمى أعمى القلب أعمى البصر، وقد بدر إليه سعد بن زيد أخو بنى عبد الأشهل قبل نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربه بالقوس في رأسه فشجه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد في عروة الوادي إلى الجبل فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال لا يقاتلن أحد حتى آمره بالقتال وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع كانت بالصمغة من قناة للمسلمين فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتال أترعى زروع بنى قيلة ولما تضارب. وتعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال وهو في سبعمائة رجل وأمر على الرماة عبد الله بن جبير أخا بنى عمرو بن عوف وهو معلم يومئذ بنياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال انضح الخيل عنا بالنبل لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فأثبت مكانك لا نؤتين من قبلك، وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير أخي بنى عبد الدار. وقال ابن عقبة وكان حامل لواء المهاجرين رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنا عاصم إن شاء الله لما معي فقال له طلحة هل لك يا عاصم في المبارزة قال نعم فبدره ذلك الرجل فضربه بالسيف على رأس طلحة حتى وقع السيف في لحيته فقتله فكان قتل صاحب لواء المشركين تصديقا لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم " انى مردف كبشا " فلما صرع صاحب اللواء انتشر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وصاروا كتائب متفرقة فجاسوا العدو ضربا حتى اجهضوهم (2) عن أثقالهم وحملت خيل المشركين على المسلمين ثلاث مرات كل ذلك تنضح بالنبل (3) فترجع مفلولة وحمل المسلمون على
(٤٠٩)