ظهرها وضرعها ثم دعا باناء يربض (1) الرهط فحلب فيه فملأه فسقى أصحابه عللا بعد نهل ثم حلب فيه آخر فغادره عندها وارتحل فلما جاء زوجها عند المساء قال يا أم معبد ما هذا اللبن ولا حلوبة في البيت والغنم عازبة (2) قالت لا والله الا انه مر بنا رجل ظاهر الوضاءة متبلج الوجه في اشفاره وطف (3) وفى عينيه دعج (4) وفى صوته صحل (5) غصن بين الغصنين لا تشنأه من طول ولا تقتحمه من قصر لم تعبه ثجلة (6) ولم تزره صعلة (7) كأن عنقه إبريق فضة إذا صمت فعليه البهاء وإذا نطق فعليه وقار له كلام كخرزات النظم أزين أصحابه منظرا وأحسنهم وجها أصحابه يحفون به إذا أمر ابتدروا امره وإذا نهى ايتفقوا عند نهايته قال هذه والله صفة صاحب قريش ولو رأيته لاتبعته ولاجتهدن ان افعل. قال فلم يعلموا بمكة أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حتى سمعوا هاتفا على رأس أبى قبيس وهو يقول:
جزى الله خيرا والجزاء بكفه * رفيقين قالا خيمتي أم معبد هما رحلا بالحق وانتزلا به * فقد فاز من امسى رفيق محمد فما حملت من ناقة فوق رحلها * أبر وأوفى ذمة من محمد واكسى لبرد الحال قبل ابتذاله * واعطى برأس السابح المتجرد ليهن بنى كعب مكان فتاتهم * ومقعدها للمؤمنين بمرصد