تعالى (لا تدركه الابصار) لا يعارض هذه لأنه لا يلزم من الرؤية الادراك. وأما فرض الصلوات الخمس فكان ليلة المعراج وقد ذكرنا عن الواقدي من طريق ابن سعد أنه كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا من مكة إلى السماء. ومن يرى أن المعراج من بيت المقدس وأنه هو والاسراء في تاريخ واحد فقد ذكرنا في الاسراء أنه ليلة سبع عشرة من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة وبعد المبعث بتسع أو اثنى عشر على حسب اختلافهم في ذلك وهذا هو المشهور: قال أبو عمر وقد روى الوقاصي عن الزهري أن الاسراء وفرض الصلاة كان بعد المبعث بخمس سنين. وأبعد من ذلك ما حكاه أبو عمر أيضا قال وقال أبو بكر محمد بن علي بن القاسم في تاريخه ثم أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس وعرج به إلى السماء بعد مبعثه بثمانية عشر شهرا قال ولا أعلم أحدا من أهل السير قال ذلك ولا أسند قوله إلى أحد ممن يضاف إليه هذا العلم. وفى صبيحة ليلة المعراج كان نزول جبريل وامامته بالنبي صلى الله عليه وسلم ليريه أوقات الصلوات الخمس كما هو مروى من حديث ابن عباس وأبي هريرة وبريدة وأبى موسى وأبى مسعود وأبى سعيد وجابر وعمرو بن حزم والبراء وغيرهم وكان ذلك عند البيت وأم به مرتين مرة أول الوقت ومرة آخره ليعلمه بذلك كله. وأما عدد ركعاتها حين فرضت فمن الناس من ذهب إلى أنها فرضت أول ما فرضت ركعتين ثم زيد في صلاة الحضر فأكملت أربعا وأقرت صلاة السفر على ركعتين روى ذلك عن عائشة والشعبي وميمون بن مهران ومحمد ابن إسحاق وغيرهم. ومنهم من ذهب إلى أنها فرضت أول ما فرضت أربعا إلا المغرب ففرضت ثلاثا والصبح ركعتين. كذلك قال الحسن البصري ونافع بن جبير ابن مطعم وابن جريج. ومنهم من ذهب إلى أنها فرضت في الحضر أربعا وفى السفر ركعتين ويروى ذلك عن ابن عباس. وقال أبو إسحق الحربي أول ما فرضت
(١٩٦)