الحديث أقوى منها للجهالة الواقعة في أبى زيد ولكن أصل الحديث مشهور عن ابن مسعود من طرق حسان متظافرة يشهد بعضها لبعض ويشد بعضها بعضا ولم يتفرد طريق أبى زيد إلا بما فيها من التوضؤ بنبيذ التمر وليس ذلك مقصودنا الآن ويكفى من أمر الجن ما في سورة الرحمن وسورة قل أوحى إلى وسورة الأحقاف (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن) الآيات. وذكر ابن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشعر بالجن وهم يستمعون له يقرأ حتى نزلت عليه (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) الآية. وروينا عن ابن هشام قال حدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي وغيره من مشائخ بكر بن وائل من أهل العلم أن أعشى بنى قيس بن ثعلبة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الاسلام فقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وبت كما بات السليم مسهدا ألا أيها ذا السائلي أين يممت * فان لها في أهل يثرب موعدا وآليت لا آوى لها من كلالة * ولا من حفا حتى تلاقى محمدا متى ما تناخى عند باب ابن هاشم (1) * تراخى وتلقى من فواضله ندى نبيا يرى مالا يرون وذكره * أغار لعمري في البلاد وأنجدا له صدقات ما تغب ونائل * وليس عطاء اليوم مانعه غدا أجدك لم تسمع وصاة محمد * نبي الاله حين أوصى وأشهدا إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى * ولاقيت بعد الموت من قد تزودا ندمت على أن لا تكون كمثله * فترصد للموت الذي كان أرصدا (2) فلما كان بمكة أو قريبا منها اعترضه بعض المشركين من قريش فسأله عن أمره فأخبره أنه جاء يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم فقال له يا أبا بصير