حمار فلم ندر من أين جاء فقال يا مالك ويا خالد متى أحدثتما الكلام في الربوبية فقلنا ما خطر ببالنا إلا الساعة فقال اعلما ان لنا ربا يكلأنا بالليل والنهار نعبده يا مالك ويا خالد قولوا فينا ما شئتم واجعلونا مخلوقين فكررها علينا مرارا وهو واقف على حماره قال أفقر عباد الله تعالى إلى رحمته جامع هذا الكتاب أثابه الله في هذا الكلام وأمثاله من أقوال الغلاة وان كانت باطلة دلالة على علو شأن الأئمة عليهم السلام وإتيانهم بالخوارق للعادات واخبارهم بالأمور المغيبات وتفننهم في إبراز الكرامات والمعجزات فإنهم يرونها منهم مشاهدة وعيانا مرة بعد أخرى ويصادف ذلك أذهانهم وفيها قصور في النظر وضعف في التمييز فيعتقدون هذا الاعتقاد الفاسد المذموم نعوذ بالله تعالى كما جرى للنصارى فإنهم نظروا إلى المسيح عليه أفضل الصلاة والسلام وما يجئ به من الخوارق كإحياء الموتى وابراء الأكمه والأبرص واطعام الجمع الكثير الطعام القليل وغير ذلك من معجزاته عليه السلام فاعتقدوه ربا واتخذوه إلها تعالى الله وتقدس فنظروا جانبا وأهملوا النظر في جانب لضعف تمييزهم فإنهم لو فكروا في أنه ولد من امرأة وأنه كان صغيرا فتنقل في أطوار الخلقة وأنه كان يأكل ويشرب ويبول ويغوط وينام ويسهر ويصح ويسقم ويخاف ويحذر وانه صلب على زعمهم وانه كان يصلى ويصوم ويجتهد في العبادة والخضوع لعلموا أن هذه الصفات منافية لصفات الملك فضلا عن الله رب العالمين الذي لا تأخذه سنة ولا نوم الذي يطعم ولا يطعم تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا والمعبود كيف يعبد والموجود كيف يجحد ولنفى هذا الاحتمال قال الله تعالى قل إنما أنا بشر مثلكم لئلا تحملهم ما يرونه من معجزاته وآياته على مثل ما يتخيله النصارى نعوذ بالله
(٤١٥)