اتخذوها شريعة وجعلوها إلى بلوغ غايات الشرف ذريعة لشرف فروعهم وأصولهم وثبات عقولهم لأنهم لا يشينون مجدهم بما يصمه ولا يشوهون وجوه سيادتهم بما يخلقها ولأنهم مقتدى الأمة ورؤوس هذه الملة وسروات الناس وسادات العرب وخلاصة بني آدم وملوك الدنيا والهداة إلى الآخرة وحجة الله على عباده وأمناؤه على بلاده فلا بد أن تكون علامات الخير فيهم ظاهرة وسمات الجلال بادية باهرة وأمثال الكرم العام سايرة وان كل متصف بالجود من بعدهم بهم اقتدى وعلى منوالهم نسج وبهم اهتدى.
وكيف لا يجود بالمال من يجود بنفسه النفيسة في مواطن النزال وكيف لا يسمح بالعاجل من همه في الآجل ولا ريب عند العقلاء أن من جاد بنفسه في القتال فهو بالمال أجود ومن زهد في الحياة المحبوبة فهو في الحطام الفاني أزهد وقد عرفت زهدهم فاعرف به وفدهم فان الزاهد من زهد في حطامها وخاف من آثامها ورغب عن حلالها وحرامها ولعلك سمعت بما أتى في هل أتى من إيثارهم على أنفسهم أليسوا الذين أطعموا الطعام على حبه ورغب كل واحد منهم في الطوى لإرضاء ربه وعرضوا تلك الأنفس الكريمة لمرارة الجوع وأسهروا تلك العيون الشريفة من الخوى فلم تذق حلاوة الهجوع وجعلوها لما وجدوه من الرقة على المسكين واليتيم والأسير غرقى من الدموع وتكرر عليهم ألم فقد الغذاء غدوا وبكورا وأضرم السغب في قلوب أهل الجنة سعيرا وآمنوا حين قالوا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وشكرهم من أنعموا عليه فقالوا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا.
والحسين عليه السلام وان كان فرعا للنبي صلى الله عليه وآله وعلى وفاطمة عليهم السلام فهو أصل لولده من بعده وكلهم أجواد كرام.