عليهما السلام كتب والى الكوفة وهو النعمان بن بشير إلى يزيد بذلك فجهز عبيد الله بن زياد إلى الكوفة فلما قرب منها تنكر ودخلها ليلا وأوهم أنه الحسين ودخلها من جهة البادية في زي أهل الحجاز فصار يجتاز بجماعة جماعة فيسلم عليهم ولا يشكون في أنه هو الحسين عليه السلام فيمشون بين يديه ويقولون مرحبا يا ابن رسول الله قدمت خير مقدم فرأى عبيد الله من تباشرهم بالحسين ما ساءه وكشف أحوالهم وهو ساكت لعنه الله.
فلما دخل قصر الإمارة وأصبح جمع الناس وقال وأرعد وأبرق وقتل وفتك وسفك وانتهك وعمله وما اعتمده مشهور في تحيله حتى ظفر بمسلم ابن عقيل وقتله.
وبلغ الحسين عليه السلام قتل مسلم وما اعتمده عبيد الله بن زياد وهو متجهز للخروج إلى الكوفة فاجتمع به ذووا النصح له والتجربة للأمور وأهل الديانة والمعرفة كعبد الله بن عباس وعمر بن عبد الرحمن بن الحرث المخزومي وغيرهما ووردت عليه كتب أهل المدينة من عبد الله بن جعفر وسعيد بن العاص وجماعة كثيرين كلهم يشيرون عليه أن لا يتوجه إلى العراق وأن يقيم بمكة هذا كله والقضاء غالب على أمره والقدر آخذ بزمامه فلم يكترث بما قيل له ولا بما كتب إليه وتجهز وخرج من مكة يوم الثلاثاء وهو يوم التروية الثامن من ذي الحجة ومعه اثنان وثمانون رجلا من أهله وشيعته ومواليه فسار فلما وصل إلى الشقوق وإذا هو بالفرزدق الشاعر وقد وافاه هنالك فسلم عليه ثم دنا منه وقبل يده فقال له الحسين عليه السلام من أين أقبلت يا أبا فراس فقال من الكوفة فقال له كيف تركت أهل الكوفة فقال خلفت قلوب الناس معك وسيوفهم مع بنى أمية عليك وقد قل الديانون والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء وجرى بينهما كلام قد تقدم ذكره في آخر الفصل الثامن.