وهو أن الحسين عليه السلام سار حتى صار على مرحلتين من الكوفة فوافاه انسان يقال له الحر بن يزيد الرياحي ومعه ألف فارس من أصحاب ابن زياد شاكين في السلاح فقال للحسين عليه السلام إن الأمير عبيد الله بن زياد قد أمرني أن لا أفارقك أو أقدم بك عليه وأنا والله كاره أن يبتليني الله بشئ من أمرك غير أنى قد أخذت بيعة القوم فقال الحسين عليه السلام إني لم أقدم هذا البلد حتى أتتني كتب أهله وقدمت على رسلهم يطلبونني وأنتم من أهل الكوفة فان دمتم على بيعتكم وقولكم في كتبكم دخلت مصركم وإلا انصرفت من حيث أتيت فقال له الحر والله ما أعلم هذه الكتب ولا الرسل وأنا فما يمكنني الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا فخذ طريقا غير هذه وارجع فيه حيث شئت لأكتب إلى ابن زياد أن الحسين خالفني الطريق فلم أقدر عليه وأنشدك الله في نفسك.
فسلك الحسين طريقا آخر غير الجادة راجعا إلى الحجاز وسار هو وأصحابه طول ليلتهم فلما أصبح الحسين عليه السلام وإذا قد ظهر الحر وجيشه فقال الحسين ما وراك يا ابن يزيد فقال وافاني كتاب ابن زياد يؤنبني في أمرك وقد سير من هو معي وهو عين على ولا سبيل إلى مفارقتك أو أقدم بك عليه وطال الكلام بينهما ورحل الحسين عليه السلام وأهله وأصحابه فنزلوا كربلاء يوم الأربعاء أو الخميس على ما قيل الثاني من المحرم.
فقال عليه السلام هذه كربلاء موضع كرب وبلاء هذا مناخ ركابنا ومحط رحالنا ومقتل رجالنا فنزل القوم وحطوا الأثقال ونزل الحر بنفسه وجيشه قبالة الحسين عليه السلام ثم كتب إلى عبيد الله بن زياد وأعلمه بنزول الحسين عليه السلام بأرض كربلاء.
فكتب عبيد الله كتابا إلى الحسين عليه السلام يقول فيه أما بعد فقد بلغني