يراك على التوبة بالتحقيق فاطلب من رحمته وجوده العفو فإنه جل جلاله أهل ان يتفضل بذلك على عوايد المالك الحليم الرحيم الشفيق فان لم تطلب العفو أيضا على عادة النجاة المذنبين عند أعظم المالكين القاهرين فاستسلم استسلام المسكين المستكين وسلم دينك ونفسك ومالك وعيالك واما لك وكلما تحتاج إليه إلى حفظ ذلك الرحيم الحليم الكريم الذي قد طالت جرئتك عليه وسوء أدبك بين يديه وليكن في سريرتك ان الذي أودعته من كل ما وهبك إياه فإنه ملكه على التحقيق وأنت مستعير ومستودع فلا تنازعه في ملكه لخاطر ولا قلب فتصير شريكا فتهلك بذلك ويفوتك رضاه فإنك إذا قبلت وصيتي وتبت أو طلبت العفو أو استسلمت كما ذكرناه وأودعت كما شرحناه كان هو الحافظ والحامي والخفير ولم يدخل عليك داخل في قليل ولا كثير ولا صغير ولا كبير.
رأيت في الاخبار ما معناه ان رجلا قال رأيت على ظهر ضفدع عقربا غريبة الجنس وهو عابر بها في نيل مصر من جانب إلى الجانب الذي كنت فيه فلما وصل بها طرف الماء نزلت العقرب على الأرض فتبعتها وقلت في نفسي ان لهذه العقرب شانا وإذا قد جاءت إلى أصل شجرة فصعدت حتى جاءت إلى غصن قد تدلى على وجه شاب نائم تحت الشجرة فضربت تلك العقرب ذنب حية ضربة وقعت الحية ميتة فاستعظمت ذلك وجئت إلى الشاب فأيقظته وقلت انظر إلى ما قد سلمك الله منه وأنشدته.
يا نائما والجليل يحرسه * مما يلاقى في حندس الظلم كيف تنام العيون عن ملك * تأتيك منه فوايد النعم