كما يأتي العتاب على ترك الواجب فقد يأتي أيضا على ترك الأولى والأولى في ذلك الوقت الاثخان وترك الفداء قطعا للأطماع وحسما للنزاع، ولولا أن ذلك من باب الأولى لما فوض النبي صلى الله عليه وآله ذلك إلى الأصحاب، وهذا هو العذر عن قوله (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) فأما قوله (تريدون عرض الدنيا) فهو خطاب جمع فيصرف ذلك إلى القوم الذين رغبوا في المال (1) وأما قوله (لولا كتاب من الله) فمعناه لولا ما سبق من تحليل الغنائم لعذبتكم بسبب أخذكم هذا الفداء. وهذا غاية التقريع في تخطئتهم في أخذ الفداء من جهة التدبير * (فإن قلت) فإن كان ذلك محللا لهم فما هذا التقريع البالغ؟
(قلت) لأن ذلك من باب الحروب، وما كان من ذلك الباب فقد يقع الخطأ فيه من جهة التدبير ويقرع ذلك المخطئ، وإن كان غير مذنب * (الشبهة الخامسة) أنه لما استأذنه قوم في التخلف عن الخروج معه إلى الجهاد فأذن لهم فقال الله تعالى (عفا الله عنك لم أذنت لهم) والعفو لا يكون إلا بعد الذنب، فدل على أنه كان مذنبا *