(الشبهة الرابعة) تمسكوا بقوله تعالى: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) الآيتان. والاستدلال من ثلاثة أوجه:
(الأول) قوله تعالى: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) وذلك يقتضي أن يكون استبقاء الأسرى محرما * (الثاني) قوله: (تريدون عرض الدنيا) وذلك مذكور في معرض الذم (الثالث) قوله تعالى: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) * (الجواب) الذي يدل على براءة منصب الأنبياء في هذه الواقعة عن كل ما لا ينبغي وجوه:
(الأول) أنه إما أن يكون قد أوحى له في جواز الأسر وخطر إليه شئ، أو ما أوحى إليه شئ فإن كان قد أوحى إليه شئ لم يجز للنبي عليه الصلاة والسلام أن يستشير أصحابه فيه لأن مع قيام النص وظهور الوحي لا يجوز الاشتغال بالاستشارة، وإن لم يوح إليه شئ البتة لم يتوجه عليه ذنب البتة (الثاني) أن ذلك الحكم لو كان خطأ لأمر الله تعالى بنقضه، فكان يؤمر بقتل الأسرى ويرد ما أخذ منهم، قلنا: لما لم يكن كذلك بل قال (فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) علمنا أنه لم يوجد الخطأ في ذلك الحكم البتة * (الثالث) أنه عليه الصلاة والسلام لم يشتغل بالاستغفار واللوم، وذلك يدل على عدم الذنب على ما تقدم. وإذا قد بينا ذلك فنقول: