يوسف عن الذنوب. ثم قال القاضي: وهؤلاء الطاعنون في يوسف إن كانوا من حزب الله فليقبلوا قوله، وإن كانوا من حزب الشيطان فيجب أن لا يتركوا قوله (لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) وإذا ظهرت هذه الجملة فلنذكر معنى الآية فنقول * * (الهم) * في اللغة جاء لمعان أربعة * (الأول) * العزم على الفعل لقوله تعالى (إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم) أي أرادوا ذلك وعزموا عليه [الثاني] خطور الشئ بالبال قال الله تعالى (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما) فإنما أراد الله تعالى أن الفشل خطر ببالهم ولو كان المراد هاهنا العزم لما صح أن يكون الله وليا لهم، لأن العزم على المعصية معصية ويدل عليه أيضا قول كعب بن زهير:
فكم فيهم من سيد متوسع * ومن فاعل للخير قد هم أو عزم [الثالث] أن يستعمل بمعنى المقاربة يقولون هم بكذا أي كاد يفعله قال ذو الرمة:
أقول لمسعود بجرعاء مالك * وقد هم دمعي أن يلج أوائله والدمع لا يجوز عليها العزم وإنما أراد أنه كاد وقارب * [الرابع] الشهوة وميل الطباع لأن الإنسان قد يقول فيما يشتهيه هذا من همى فتثبت أن الهم مستعمل في هذه المعاني. فإن حملناه على العزم ففيه وجهان: * (الأول) * أن الهم في ظاهر الآية معلق بذاته وذاتها. وذلك غير جائز لأن الذوات لا تراد فلا بد من ترك هذا الظاهر وتعليق الهم بشئ غير الذات: وإذا ثبت