يجب أن تليق بأحوال أهل زمانه، ولما كانت منافسة أهل زمانه بالمال والجاه طلب مملكة فائقة على كل الممالك لتكون معجزة له * [الثاني] أنه لما مرض ثم رجع إلى الصحة عرف أن خيرات الدنيا وما فيها صائرة إلى الغير بإرث أو غيره، فسأل ربه ملكا لا يمكن أن ينتقل منه، وذلك ملك الآخرة * [الثالث] إن في مراتب الرياضات والمجاهدات كثرة ولكل واحد من السالكين اختصاص بواحد منها فكأنه كان اختصاص سليمان عليه السلام بمقام رياضة النفس ومراقبتها ومحاسبتها أشد، ومعلوم أن الدنيا حلوة خضرة والامتناع عن الانتفاع بها حال القدرة أشق من الامتناع حال العجز فكأنه عليه السلام قال: أعطني من الدنيا أكمل المراتب حتى أتحمل في الاحتراز عنها أعظم المشاق * [الرابع] إن من الناس من يقول الاحتراز عن لذات الدنيا أصعب لأنها نقد ولذات الآخرة نسيئة وترجيح النسيئة على النقد شاق، فهو عليه السلام رد على هؤلاء الباطلين. وقال (رب هب لي ملكا) الآية حتى تروا كيف استحقره في جنب الالتذاذ بطاعة المولى * [الخامس] هو أن الوصول إلى الله تعالى على نوعين: أحدهما - وهو الأكمل - أن يرفعه الله إليه ابتداءا فضلا منه ورحمة من غير تكليف شئ من المتاعب وهو طريقة رسولنا عليه الصلاة والسلام على ما قاله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا) * [والثاني] أن يتكلف العبد الذهاب إليه وهو الطريقة التي
(٨٧)