ولو أنه أظهره وتحمل سوء مقالتهم لكان أكثر ثوابا فيه، فيرجع حاصله إلى ترك الأولى والأفضل فليس ذلك من الذنب في شئ، فأما الذين يذكرون من أنه عشقها فهو من باب الآحاد والأولى تنزيه منصب الأنبياء عن مثله لا سيما والقرآن لا يدل عليه البتة. ثم على تقدير الصحة ففيها روايتان: منهم من يقول بأنه عليه الصلاة والسلام لما رآها وعشقها حرمت على زيد. وهذا قطعا غير صحيح لأنه لو كان كذلك لكان أمره لزيد بإمساكها أمرا بالزنا ولكان وصفه إياها بكونها زوجه كذبا وهذان الأمران لا يليقان بالمسلمين فضلا عن أفضل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. ومنهم من لا يقول بحرمتها على زوجها. ولكن يقول يجب على الزوج تطليقها والنزول عنها، وقالوا:
والمعنى فيه امتحانا للزوج في إيمانه بتكليف النزول عن زوجته طلبا لرضى الله تعالى ورضى رسوله صلى الله عليه وسلم. وفيه أيضا ابتلاء النبي عليه الصلاة والسلام وتكليفه الحذر عن الأعين لأن حفظ النظر أشق على النفس فقيل له إن لم تحفظ نظرك فربما أبصرت شيئا فاشتهيته لأن الشهوة ليست مقدورة للبشر. وإذا اشتهيته وجب على الزوج طلاقها والنزول عنها فإن أخبرته بذلك تعرضت لسوء المقالة وإن كتمته صرت خائنا في الوحي، فلأجل الاحتراز عن هذه التوابع كان النبي صلى الله عليه وآله يبالغ في حفظ النظر وذلك من أشق التكاليف. فهذا ما قيل في هذا الباب *