أول الاستدلال في قوله: (هذا ربي) فكان مطلوبه أن الكوكب هل هو الشئ الذي يربيني ويخلقني؟ فكان المطلوب هذا لا ما ذكرته، وأيضا بتقدير أن يكون الأمر كذلك، فلم قال: (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) فإن بتقدير أن يكون خالقه هو السماء وجب عليه الاشتغال بشكره والإقبال على طاعته * [جوابه] أن إبراهيم عليه السلام كان على مذهبنا في مسألة خلق الأفعال، فإنه لما عرف أنها محدثة عرف أنها ممكنة وكان من المعلوم أن المصحح لمقدورية الله تعالى هو الامكان، فعرف أن كل ممكن مقدور لله تعالى فإنه لا يقع بقدرة غيره فعرف أن كل ممكن خرج من العدم إلى الوجود فلم يخرج إلا به فعلم أن خالقه ومربيه ليس الفلك ولا الملك بل هو الله الواحد القهار * [السؤال السابع] كيف عرف أنه فطر السماوات فإن بقي ههنا احتمال آخر وهو أن الجسم وإن كان محدثا إلا أن هيولاه قديمة. وعلى هذا التقدير لا يكون هو تعالى فاطرها. ودليل الحركة لا يفيد إلا حدوث الجسم من حيث أنه جسم فأما حدوث الهيولي التي هي جزء ماهية الجسم فلا * [وجوابه] لما عرف حدوث الجسم عرف لا محالة حدوث هيولاه لأن هيولاه لو كانت قديمة لكانت في الأزل قابلة للصورة، لأن قابليتها لها لازمة لماهيتها، ولو حصلت القابلية في الأزل لكان المقبول صحيح الوجود، لأن القابلية نسبية وإمكان النسب متوقف على إمكان المنتسبين لكن المقبول لما كان ممتنع الوجود في الأزل فكانت القابلية كذلك
(٣٣)