(الجواب) أن العفو يقتضي ترك المؤاخذة، وقوله (لم أذنت لهم) مؤاخذة. فلو أجرينا قوله تعالى (عفا الله عنك) على ظاهره لزمت المناقضة. فعلمنا أنه ليس المراد ذلك - ما جوابك عن كلامي - مثلا إنما المراد التلطف في المخاطبة. كما يقال: أنت رحمك الله وغفر لك، وإن لم يكن هناك ذنب البتة، وأيضا فهذا من باب التدبير في الحرب. وقد بينا أن تارك الأفضل فيه قد يقرع ويوبخ * (الشبهة السادسة) قوله تعالى (ووضعنا عنك وزرك) الآية صريح في الذنب * (جوابه) من وجوه (الأول) حمله على الوزر الذي كان قبل النبوة (الثاني) حمله على الصغيرة أو ترك الأولى (الثالث) أن الوزر في أصل اللغة هو الثقل. قال الله تعالى (حتى تضع الحرب أوزارها) أي أثقالها، وإنما سمى الذنب بالوزر لأنه يثقل كاسبه. فعلى هذا تسمية الذنب بالوزر مجاز آخر، وهو أنه عليه الصلاة والسلام كان في غم شديد لإصرار قومه على الشرك، وأنه كان هو وأصحابه فيما بينهم مستضعفين فلما أعلا الله كلمته، وعظم أمره فقد وضع وزره، ويقوى هذا التأويل قوله (ورفعنا لك ذكرك فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) فإن العسر بالشدائد والغموم أشبه واليسر بإزالة الهموم أشبه * (فإن قلت) إن هذه السورة مكية فما ذكرت من المعنى لا يليق بها (قلت) إن وعد الله حق، فلما وعده الله بذلك في مكة فقد قوى قلبه وزالت كربته *
(١٠٧)