وعرض عليه الأمر ولم يكن ذلك منكرا عنده عليه الصلاة والسلام غير أن زيدا تبناه النبي عليه الصلاة والسلام وكان التزوج بامرأته محرما في الجاهلية، فعلم أنه لو نكحها أطالوا ألسنتهم فيه وكانوا على قرب عهد من السلام يحترزون عن مثل هذه الأمور، فامتنع النبي صلى الله عليه وآله عن نكاحها وقال له (أمسك عليك زوجك) مع ما في قلبه من الرضا حذرا عما ذكرناه فنزلت هذه الآية (وتخفي في نفسك ما الله مبديه) يعني من إضمار الرضى (وتخشى الناس) يعني تستحي منهم أن يقولوا نكح زوجة ابنه (والله أحق أن تخشاه) في إظهار أمر غير ما تضمره * (الرابع) أن زينب طمعت في أول أمرها أن يتزوج بها رسول الله صلى الله عليه وآله فلما خطبها الرسول لزيد شق ذلك عليها وعلى أخيها وأمها، حتى نزل قوله تعالى (ما كان لمؤمن ولا مؤمنة) الآية فعند ذلك انقادوا كرها، فلما بنى بها زيد لم تساعده ونشزت عنه لاستحكام طمعها في رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحقارها زيدا، فشكاها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال (أمسك عليك زوجك) وأخفى في نفسه استحكام طمعها فيه، لأنه عليه الصلاة والسلام لو ذكر ذلك لزيد لتنغصت عليه تلك النعمة، ولقال المنافقون إنه إنما قال ذلك طمعا في تلك المرأة. فهذه وجوه سوى ما ذكره الطاعنون في أنبياء الله تعالى ورسله وكلها محتمل * (فإن قلت) هب أن الأمر كذلك، ولكن قوله تعالى: (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) يدل على أن ذلك الاخفاء ما كان جائزا له * (قلت) أكثر ما فيه أنه أخفى ذلك إتقاءا لسوء كلام المنافقين
(١٠٣)