(قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله) (1) * [الثالث] أنه عليه السلام إنما استغفر لأبيه لأنه كان يرجو منه الإيمان، فلما أيس من ذلك ترك الاستغفار. ويدل عليه قوله تعالى (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) وأما قوله (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) فليس في لفظ النبي عموم، لما ثبت في أصول الفقه أن الاسم المفرد المحلى بالألف واللام لا يقتضي العموم فإذا حملنا النبي على رسولنا عليه الصلاة والسلام لم يلزم أن يتناول إبراهيم عليه السلام، وأما الآية الثانية فهي على أنه لا يجوز التأسي به في ذلك الاستغفار، فلم يدل على أن الاستغفار لم يكن جائزا له. ولكنا نحمل الاستغفار الذي أتى به على استبطاء العقاب، أو تخفيفه، أو على أنه ما كان عالما بكيفية الأحوال * [فائدة] اختلف المفسرون في الموعدة المذكورة في قوله تعالى (إلا عن موعدة وعدها إياه) فقيل: وعد الأب ابنه بالإيمان، وقيل:
وعدا لابن أباه بالاستغفار. والأول أولى على قولنا إنه لا يجوز الاستغفار للكافر، لأن وعدا لابن أباه بالاستغفار لوعد الأب ابنه بالإيمان وإذا كان وجود هذا الوعد واجبا ووجود الوعد الثاني غير واجب كان حمل اللفظ على الوعد الأول أولى *