قلعها) (1) فاجتمع القوم وراموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا واستصعبت عليهم، فلوى عليه السلام رجله عن سرجه حتى صار إلى الأرض وحسر ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحركها ثم قلعها بيده ودحا بها أذرعا كثيرة، فلما زالت عن مكانها ظهر لهم بياض الماء فتبادروا إليه فشربوا منه، فكان أعذب ماء وأبرده وأصفاه، فقال لهم: (تزودوا وارتووا) ففعلوا ذلك.
ثم جاء إلى الصخرة فتناولها بيده ووضعها حيث كانت، وأمر أن يعفى أثرها بالتراب، والراهب ينظر من فوق ديره، فلما علم ما جرى نادى: يا معشر الناس أنزلوني أنزلوني، فأنزلوه فوقف بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أنت نبي مرسل؟ قال: (لا)، قال: فملك مقرب؟ قال: (لا)، قال: فمن أنت؟ قال: (أنا وصي رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين) قال: ابسط يدك أسلم لله على يدك. فبسط عليه السلام يده وقال له: (اشهد الشهادتين) فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وأشهد أنك وصي رسول الله وأحق الناس بالأمر من بعده، وقال:
يا أمير المؤمنين إن هذا الدير بني على طلب قالع هذه الصخرة ومخرج الماء من تحتها، وقد مضى عالم كثير قبلي ولم يدركوا ذلك، وقد رزقنيه الله عز وجل، إنا نجد في كتاب من كتبنا مآثر عن علمائنا إن في هذا الصقع عينا عليها صخرة لا يعرف مكانها إلا نبي أو وصي نبي، وإنه لا بد من ولي لله يدعو إلى الحق، آيته معرفة مكان هذه الصخرة وقدرته على قلعها، وإني لما رأيتك قد بلغت ذلك تحققت ما كنا ننتظره، وبلغت الأمنية منه، فأنا اليوم مسلم على يدك ومؤمن بحقك ومولاك.