فلما سمع بذلك أمير المؤمنين بكى حتى اخضلت لحيته من الدموع وقال: (الحمد لله الذي كنت في كتبه مذكورا، الحمد لله الذي لم أك عنده منسيا (ثم دعا الناس وقال: (اسمعوا ما يقوله أخوكم المسلم) (١) فسمع الناس مقالته وشكروا الله على ذلك، وساروا والراهب بين يديه حتى لقي أهل الشام، فكان الراهب في جملة من استشهد معه، فتولى الصلاة عليه ودفنه وأكثر من الاستغفار له، وكان إذا ذكره يقول: (ذاك مولاي) (٢).
وفي هذا الخبر ضروب من الآيات: أحدها: علم الغيب (٣).
والاخر: القوة الخارقة للعادة.
والثالث: ثبوت البشارة به في كتب الله الأولى كما جاء في التنزيل:
﴿ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل﴾ (4).
وفي ذلك يقول السيد إسماعيل بن محمد الحميري:
(1) ولقد سرى فيما يسير ليلة * بعد العشاء بكربلا في موكب (2) حتى أتن متبتلا في قائم * ألقى قواعده بقاع مجدب (3) يأتيه ليس بحيث يلفي عامرا * غير الوحوش وغير أصلع أشيب (4) فدنا فضاح به فأشرف ماثلا * كالنسر فوق شظية من مرقب