وهذا الباب يشتمل على فنين من الآيات الدلالات، أحدهما ما يختص بالإخبار عن الغائبات، والفن الاخر: غيرها من المعجزات الخارقة للعادات.
فأما الفن الأول: وهو إخباره بالغائبات والكائنات قبل كونها، فيوافق الخبر المخبر عنه، فإنه أحد معجزات المسيح عليه السلام الدالة على ثبوته كما نطق به التنزيل من قوله: ﴿وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم﴾ (١) وكان ذلك من آيات نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أيضا مثل ما جاء في القران من قوله تعالى: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون)، (٢) وقوله تعالى في يوم بدر قبل الواقعة: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) (٣) وقوله تعالى في غلبة فارس الروم:
﴿ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون﴾ (4) في أمثال لذلك (لا نطول به) (5).
فكان جميع ذلك على ما قال.
وما كان من هذا الفن منقولا عن أمير المؤمنين عليه السلام فهو أكثر من أن يحصى ولا يمكن إنكاره، إذ ظهر للخلق اشتهاره، فلا يخفى على العام والخاص ما حفظ عنه عليه السلام من الملاحم والحوادث في خطبه وكلامه وحديثه بالكائنات قبل كونها:
فمنه: قوله قبل قتاله الفرق الثلاثة بعد بيعته: (أمرت بقتال الناكثين