وهذه الحالة المحمودة التامة، وأما الحال المذمومة فالشهادة باللسان دون تصديق القلب وهذا هو النفاق، قال الله تعالى: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله
يشهد إن
المنافقين لكاذبون) أي كاذبون في قولهم ذلك عن اعتقادهم وتصديقهم وهم لا يعتقدونه فلما لم تصدق ذلك ضمائرهم لم ينفعهم أن يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم فخرجوا عن اسم الإيمان ولم يكن لهم في الآخرة حكمه إذ لم يكن معهم إيمان ولحقوا بالكافرين في الدرك الأسفل من النار وبقى عليهم حكم الإسلام بإظهار
شهادة اللسان في أحكام الدنيا المتعلقة بالأئمة وحكام المسلمين الذين أحكامهم على الظواهر بما أظهروه من علامة الإسلام إذ لم يجعل للبشر سبيل إلى
السرائر ولا أمروا بالبحث عنها بل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحكم عليها وذم ذلك وقال (هلا شققت عن قلبه؟) والفرق بين القول والعقد ما جعل في حديث جبريل:
الشهادة من الإسلام والتصديق من الإيمان، وبقيت حالتان أخريان بين هذين إحداهما: أن يصدق بقلبه ثم يخترم قبل اتساع وقت
للشهادة بلسانه فاحتلف فيه فشرط بعضهم من تمام الإيمان القول
والشهادة به وراه بعضهم مؤمنا مستوجبا للجنة لقوله صلى الله عليه وسلم (يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان فلم يذكر سوى ما في القلب وهذا مؤمن بقلبه غير عاص ولا مفرط بترك غيره وهذا هو الصحيح في هذا الوجه. الثانية
____________________
(قوله ثم يخترم) بضم أوله وسكون المعجمة مبنى للمفعول.