أعلم إذ لم يجعل الحياة شرطا لوجود الحروف والأصوات إذ لا يستحيل وجودها مع عدم الحياة بمجردها فأما إذا كانت عبارة عن الكلام النفسي فلا بد من شرط الحياة لها إذ لا يوجد كلام النفس إلا من حي خلافا للجبائي من بين سائر متكلمي الفرق في إحالة وجود الكلام اللفظي والحروف والأصوات إلا من حي مركب على تركيب من يصح منه النطق بالحروف والأصوات والتزم ذلك في الخصا والجذع والذراع وقال إن الله خلق فيها حياة وخرق لها فما ولسانه وآلة أمكنها بها من الكلام وهذا لو كان لكان نقله والتهمم به آكد من التهمم بنقل تسبيحه أو حنينه ولم ينقل أحد من أهل السير والرواية شيئا من ذلك فدل على سقوط دعواه مع أنه لا ضرورة إليه في النظر والموفق الله، وروى وكيع رفعه عن فهد بن عطية أن
النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصبي قد شب لم يتكلم قط فقال من أنا فقال رسول الله، وروى عن معرض بن معيقيب رأيت من
النبي صلى الله عليه وسلم عجبا جئ بصبي يوم ولد فذكر مثله، وهو حديث مبارك اليمامة ويعرف
____________________
(قوله للجبائي) هو أبو على محمد بن عبد الوهاب رئيس المعتزلة في عصره بالبصرة، قال الذهبي وابن خلكان:
وجبى: مدينة ورستاق عريض مشتبك العماير والنخيل وقصب السكر وغيرها، مات سنة ثلاث وثلاثمائة