الشفا بتعريف حقوق المصطفى - القاضي عياض - ج ١ - الصفحة ١٨٤
ولم أعطها نبيا قبلك وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت عرشي لم أعطها نبيا قبلك وجعلتك فاتحا وخاتما وفى الرواية الأخرى قال فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث: أعطى الصلوات الخمس وأعطى خواتيم سورة البقرة وغفر لمن لا يشرك بالله شيئا من أمته المقحمات وقال (ما كذب الفؤاد ما رأى) الآيتين رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح وفى حديث شريك أنه رأى موسى في السابعة قال بتفضيل كلام الله قال ثم على به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله فقال موسى لم أظن أن يرفع على أحد وروى عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالأنبياء بيت المقدس وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بينا أنا قاعد ذات يوم إذ دخل جبريل عليه السلام فوكز بين كتفي فقمت إلى شجرة فيها مثل وكرى الطائر
____________________
(قوله المقحمات) بسكون القاف وكسر الحاء المهملة: الذنوب العظام التي تقحم أصحابها في النار أي تلقيهم فيها (قوله له ستمائة جناح) قال السهيلي في قوله صلى الله عليه وسلم في حق جعفر قد أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء ومما ينبغي الوقوف عليه في معنى الجناحين أنهما ليسا كما يسبق إلى الوهم مثل جناح الطائر وريشه لأن الصورة الآدمية هي أشرف الصور وأكملها ولكنها عبارة عن صفة ملكية وقوة روحانية أعطيها جعفر كما أعطيها الملائكة وقد قال أهل العلم في أجنحة الملائكة إنها ليست كما يتوهم من أجنحة الطير وإنما هي صفات ملكية لا تفهم إلا بالمعاينة واحتجوا بقوله تعالى (أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع) فكيف بكون كأجنحة الطير ولم ير طائر له ثلاثة أجنحة ولا أربعة فكيف بستمائة جناح كما جاء في صفة جبريل فدل على أنها صفات تنضبط كيفيتها للفكر (قوله وكرى الطائر) بفتح الواو وسكون الكاف وفتح الراء تثنية وكر وهو العش
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست