من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك) وقال تعالى (ادفع بالتي هي أحسن) الآية، وكان يجيب من دعاه ويقبل الهدية ولو كانت كراعا ويكافئ عليها. قال أنس رضي الله عنه خدمت
رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط وما قال لشئ صنعته لم صنعته ولا لشئ تركته لم تركته، وعن عائشة رضي الله عنها ما كان أحد أحسن خلقا من
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دعاه أحد من أصحابه ولا أهل بيته إلا قال لبيك، وقال
جرير بن عبد الله ما حجبني
رسول الله صلى الله عليه وسلم قط منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم وكان يمازح أصحابه ويخالطهم ويحادثهم ويداعب صبيانهم ويجلسهم في حجرة ويجيب دعوة الحر والعبد والأمة والمسكين ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر، قال أنس ما التقم أحد أذن
رسول الله صلى الله عليه وسلم فينحي رأسه حتى يكون الرجل هو الذي ينحي
____________________
(قوله ولو كانت كراعا) الكراع بضم الكاف وتخفيف الراء في الغنم والبقر بمنزلة الوطيف في الفرس والبعير، وهو مستدق الساق، يذكر ويؤنث، والجمع أكراع، ثم أكارع (قوله ويكافئ) بهمزة في آخره أي يجازى (قوله فما قال لي أف قط) يقال: أف له أي قذرا له وقيل احتقارا له وقيل استقلالا وفيه ست لغات حكاهن الأخفش وهي ضم الهمزة مع تثليث الفاء بلا تنوين وضمها مع تثليث الفاء بالتنوين وحكى المصنف وغيره زيادة على ذلك ضم الهمزة وسكون الفاء وكسر الهمزة وفتح الفاء وأفى وأفه بضم همزتيهما (قوله ما التقم أحد أذن النبي) أي ما حدثه أحد عند أذنه، استعار وضع اللقمة في الفم لوضع الفم عند الأذن.