وأنت رجل طليق وكان أبوك من الأحزاب؟ فقال معاوية: إني لست أزعم أني أحق بهذا الأمر منه، وإني لأعلم أن عليا لكما وصفتما، ولكني أقاتله حتى يدفع إلي قتلة عثمان، فإذا فعل ذلك كنت أنا (1) رجلا من المسلمين أدخل فيما دخل فيه الناس، فقالا: يا هذا! فإننا نكفيك بهذا الأمر.
ثم أقبلا على علي بن أبي طالب فسلما عليه وقالا: يا أبا الحسن! إن لك فضلا لا يدفع وشرفا لا ينكر، وقد سرت مسير من لا يشبهك إلى رجل سفيه ومعه قوم سفهاء لا يبالون بما قالوا ولا بما قيل لهم، وقد زعم معاوية أن قتلة عثمان عندك وفي عسكرك، فادفعهم إليه، فإن فعلت ذلك وقاتلك معاوية بعد ذلك علمنا أنه ظالم متعد! فقال علي رضي الله عنه: إني لم أحضر عثمان في اليوم الذي قتل فيه، ولكن هل تعرفان من قتله؟ فقالا: بلغنا أن محمد بن أبي بكر فيمن دخل عليه وعمار بن ياسر والأشتر وعدي بن حاتم وعمرو بن الحمق وفلان وفلان، فقال علي:
فانطلقا إليهم فخذاهم. قال: فأقبل أبو هريرة وأبو الدرداء إلى هؤلاء القوم فأخذاهم وقالا لهم: أنتم ممن قتل عثمان، وقد أمرنا أمير المؤمنين بأخذكم! قال: فوقعت الصيحة في العسكر بهذا الخبر، فوثب من عسكر علي أكثر من عشرة (2) آلاف رجل في أيديهم السيوف وهم يقولون " نحن كلنا قتلنا عثمان " قال: فبقي أبو هريرة وأبو الدرداء متحيرين، وأنشأ رجل من أصحاب علي يقول:
ألا ذهب الخداع فلا خداع * وأبدى السيف عن طبق النخاع أبا الدرداء لا تعجل علينا * وأنت أبا هريرة غير واعي هلما إلى المشورة فانصفانا * فإن النصف حسن الاستماع وقولا قول من جعلت إليه * حكومة نفسه غير الخداع فقمتم قتل عثمان علينا * وهذا الأمر مكشوف القناع أحاط به الرجال فحاصروه * ولو زجروا لكانوا نقع قاع وكان المسلمون له شهودا * وما أهل المدينة بالبداع فلم يهتف بنصرته منادي * ولا عالي بنهي القوم داعي ولو بهم نصاح إذا لكانوا * أذل هناك من ظلف الكراع