فكان أفضلهم - زعمت - في الإسلام، وأنصحهم لله ورسوله الخليفة، وخليفة الخليفة. ولعمري إن مكانهما من الإسلام لعظيم، وإن المصاب بهما لجرح في الإسلام شديد. رحمهما الله وجزاهما بأحسن الجزاء (1). وذكرت أن عثمان كان في الفضل ثالثا (2)، فإن يكن عثمان محسنا فسيجزيه الله بإحسانه، وإن يك مسيئا فسيلقى ربا غفورا لا يتعاظمه ذنب أن يغفره. ولعمر الله إني لأرجو إذا أعطى الله الناس على قدر فضائلهم في الإسلام ونصيحتهم لله ورسوله أن يكون نصيبنا في ذلك الأوفر. إن محمدا صلى الله عليه وسلم لما دعا إلى الإيمان بالله والتوحيد كنا - أهل البيت - أول من آمن به، وصدق بما جاء به، فلبثنا أحوالا مجرمة (3) وما يعبد الله في ربع ساكن من العرب غيرنا، فأراد قومنا قتل نبينا، واجتياح أصلنا، وهموا بنا الهموم، وفعلوا بنا الأفاعيل، فمنعونا الميرة، وأمسكوا عنا العذب (4)، وأحلسونا الخوف (5)، وجعلوا علينا الأرصاد والعيون، واضطرونا إلى جبل وعر، وأوقدوا لنا نار الحرب، وكتبوا علينا بينهم كتابا لا يؤاكلونا ولا يشاربونا ولا يناكحونا ولا يبايعونا ولا نأمن فيهم حتى ندفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقتلوه ويمثلوا به. فلم نكن نأمن فيهم إلا من موسم إلى موسم، فعزم الله لنا على منعه، والذب عن حوزته، والرمي من وراء حرمته، والقيام
(٨٩)