وقعة صفين - ابن مزاحم المنقري - الصفحة ٣٨
ولا سابقته، ولا صحبته ولا جهاده، ولا فقهه وعلمه.. والله إن له مع ذلك حدا وجدا (1)، وحظا وحظوة، وبلاء من الله حسنا، فما تجعل لي إن شايعنك على حربه، وأنت تعلم ما فيه من الغرر والخطر؟ قال: حكمك. قال: مصر طعمة.
قال: فتلكأ عليه معاوية.
قال نصر: وفي حديث غير عمر قال: قال له معاوية: يا أبا عبد الله، إني أكره أن يتحدث العرب عنك أنك إنما دخلت في هذا الأمر لغرض الدنيا.
قال: دعني عنك. قال معاوية: إني لو شئت أن أمنيك وأخدعك لفعلت.
قال عمرو: لا لعمر الله، ما مثلي يخدع، لأنا أكيس من ذلك. قال له معاوية:
ادن مني برأسك أسارك. قال: فدنا منه عمرو يساره، فعض معاوية أذنه وقال: هذه خدعة، هل ترى في بيتك أحدا غيري وغيرك؟ (2) ثم رجع إلى حديث عمر (3)، قال: فأنشأ عمرو يقول (4):

(1) الحد: الحدة والنشاط والسرعة في الأمور والمضاء فيها. والجد، بفتح الجيم: الحظ.
وبالكسر: الاجتهاد. وفي الأصل: " وحدودا " ولا وجه له. وفي ح: " ووالله إن له مع ذلك لحظا في الحرب ليس لأحد من غيره، ولكني قد تعودت من الله تعالى إحسانا وبلاء جميلا ".
(2) قال ابن أبي الحديد بعد هذا: " قلت: قال شيخنا أبو القاسم البلخي رحمه الله تعالى:
قول عمرو له: دعنا عنك، كناية عن الإلحاد بل تصريح به. أي دع هذا الكلام الذي لا أصل له فإن اعتقاد الآخرة وأنها لا تباع بعرض الدنيا من الخرافات. قال رحمه الله: وما زال عمرو بن العاص ملحدا ما تردد قط في الإلحاد والزندقة، وكان معاوية مثله. ويكفي من تلاعبهما بالإسلام حديث السرار المروي، وأن معاوية عض أذن عمرو. أين هذا من أخلاق علي عليه السلام وشدته في ذات الله، وهما مع ذلك يعيبانه بالدعابة ".
(3) يعني عمر بن سعد الراوي.
(4) في الأصل: " فأنشأ وهو يقول "، صوابه في ح.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست