[ثم قال: ارحل يا وردان، احطط يا وردان (1)]. فقال له وردان: خلطت أبا عبد الله، أما إنك إن شئت أنبأتك بما نفسك. قال: هات ويحك.
قال: اعتركت الدنيا والآخرة على قلبك، فقلت: على معه الآخرة في غير دنيا، وفي الآخرة عوض الدنيا، ومعاوية معه الدنيا بغير آخرة، وليس في الدنيا عوض من الآخرة، فأنت واقف بينهما. قال: فإنك والله (2) ما أخطأت، فما ترى يا وردان؟ قال: أرى أن تقيم في بيتك، فإن ظهر أهل الدين عشت [في] عفو دينهم (3) وإن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك. قال: الآن لما شهدت العرب مسيري إلى معاوية (4)؟ فارتحل وهو يقول:
يا قاتل الله وردانا وقدحته * أبدى لعمرك ما في النفس وردان (5) لما تعرضت الدنيا عرضت لها * بحرص نفسي وفي الأطباع إدهان (6) نفس تعف وأخرى الحرص يغلبها؟ (7) * والمرء يأكل تبنا وهو غرثان أما على فدين ليس يشركه * دنيا وذاك له دنيا وسلطان فاخترت من طمعي دنيا على بصر * وما معي بالذي أختار برهان إني لأعرف ما فيها وأبصره * وفي أيضا لما أهواه ألوان لكن نفسي تحب العيش في شرف * وليس يرضى بذل العيش إنسان أمر لعمر أبيكم غير مشتبه * والمرء يعطس والوسنان وسنان