فسار حتى قدم إلى معاوية وعرف حاجة معاوية إليه، فباعد [ه من نفسه] وكايد كل واحد منهما صاحبه، فلما دخل عليه قال: يا أبا عبد الله، طرقتنا في ليلتنا هذه ثلاثة أخبار ليس منها ورد ولا صدر. قال: وما ذاك؟
قال: ذاك أن محمد بن أبي حذيفة قد كسر سجن مصر فخرج هو وأصحابه، وهو من آفات هذا الدين. ومنها أن قيصر زحف بجماعة الروم إلى ليتغلب على الشام. ومنها أن عليا نزل الكوفة متهيئا للمسير إلينا. قال: ليس كل ما ذكرت عظيما. أما ابن أبي حذيفة فما يتعاظمك من رجل خرج في أشباهه أن تبعث إليه خيلا تقتله أو تأتيك به، وإن فاتك لا يضرك. وأما قيصر فأهد له من وصفاء الروم ووصائفها، وآنية الذهب والفضة، وسله الموادعة، فإنه إليها سريع. وأما على فلا والله يا معاوية ما تسوى (1) العرب بينك وبينه في شئ من الأشياء، وإن له في الحرب لحظا (2) ما هو لأحد من قريش، وإنه لصاحب ما هو فيه إلا أن تظلمه.
نصر: عمر بن سعد بإسناده قال: قال معاوية لعمرو: يا أبا عبد الله، إني أدعوك إلى جهاد هذا الرجل الذي عصى ربه وقتل الخليفة (3)، وأظهر الفتنة، وفرق الجماعة، وقطع الرحم. قال عمرو: إلى من؟ قال: إلى جهاد على، قال:
فقال عمرو: والله يا معاوية ما أنت وعلي بعكمي بعير (4)، مالك هجرته