عند مواقيت الصلاة، حتى تفانوا ورق الناس، فخرج رجل بين الصفين لا يعلم من هو، فقال: أخرج فيكم المحلقون؟ قلنا: لا. قال: إنهم سيخرجون، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر، لهم حمة كحمة الحيات. ثم غاب الرجل ولم يعلم من هو.
نصر، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي يحيى، عن عبد الرحمن ابن حاطب (1) قال: خرجت ألتمس أخي في القتلى بصفين، سويدا، فإذا برجل قد أخذ بثوبي، صريع في القتلى، فالتفت فإذا بعبد الرحمن بن كلدة، فقلت:
إنا لله وإنا إليه راجعون، هل لك في الماء؟ قال: لا حاجة لي في الماء قد أنفذ في السلاح وخرقني، ولست أقدر على الشرب، هل أنت مبلغ عني أمير المؤمنين رسالة فأرسلك بها؟ قلت: نعم. قال: فإذا رأيته فاقرأ عليه مني السلام، وقل: " يا أمير المؤمنين، أحمل جرحاك إلى عسكرك، حتى تجعلهم من وراء القتلى، فإن الغلبة لمن فعل ذلك ". ثم لم أبرح حتى مات، فخرجت حتى أتيت عليا، فدخلت عليه فقلت: إن عبد الرحمن بن كلدة يقرأ عليك السلام. قال: وعليه، أين هو؟ قلت: قد والله يا أمير المؤمنين أنفذه السلاح وخرقه فلم أبرح حتى توفى. فاسترجع. قلت: قد أرسلني إليك برسالة. قال:
وما هي؟ قلت: قال: " يا أمير المؤمنين، احمل جرحاك إلى عسكرك حتى تجعلهم من وراء القتلى، فإن الغلبة لمن فعل ذلك ". قال: صدق والذي نفسي بيده. فنادى منادي العسكر: أن احملوا جرحاكم إلى عسكركم. ففعلوا ذلك، فلما أصبح نظر إلى أهل الشام وقد ملوا من الحرب. وأصبح على فرحل الناس وهو يريد أن ينزل على أهل الشام في عسكرهم، فقال معاوية: فأخذت معرفة