تعالى، قال: هل من صفة الجبار جل ثناؤه ان يكلف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟ قلت: أعوذ بالله! فقال: افتراه في قياس قولك يا إسحاق: " ان عليا (عليه السلام) أسلم صبيا لا يجوز عليه الحكم " قد كلف رسول الله من دعاء الصبيان ما لا يطيقون فهو يدعوهم الساعة ويرتدون بعد ساعة فلا يجب عليهم في ارتدادهم شئ ولا يجوز عليهم حكم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ أترى هذا جائز عندك ان تنسبه إلى الله عز وجل؟ قلت: أعوذ بالله. قال: يا إسحاق! فأراك انما قصدت لفضيلة فضل بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا على هذا الخلق أبانه بها منهم ليعرف مكانه وفضله ولو كان الله تبارك وتعالى امره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا عليا؟ قلت: بلى. قال: فهل بلغك ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا أحدا من الصبيان من أهله وقرابته - لئلا تقول ان عليا ابن عمه -؟ قلت: لا أدري، فعل أم لم يفعل. قال: يا اسحق! أرأيت ما لم تدره ولم تعلمه هل تسأل عنه؟ قلت: لا. قال: فدع ما قد وضعه الله عنا وعنك، قال: ثم أي الأعمال كانت أفضل بعد السبق إلى الاسلام؟ قلت: الجهاد في سبيل الله (وسيأتي ذكر الباقي في الموارد الاخر منها في موضوع الجهاد). والإسلام وان جب ما قبله من الاعمال والرذائل وما لحقت بصاحبه من الموبقات بيد ان غرائز الشخص وطرز أعماله وهوايته وعاداته وما جبل عليه غريزيا واكتسبه بالتربية والمحيط ونشأ عليه لا تكاد تلازمه، على الأخص إذا بلغ الأربعين وتمكنت منه كما قال الشاعر:
ان الغصون إذا قويتها اعتدلت * ولا تلين إذا كانت من الخشب فهناك بون شاسع بين طفل نشأ في أحضان الفضيلة والايمان الأصيل مثل علي (عليه السلام) ربيب رسول الله والذي انتخبه دون البرية من الأقرباء والمهاجرين والأنصار وصيا وخليفة وأخا وصهرا وأبا لولده ونزهه القرآن من الأرجاس، وأبي بكر الذي قضى ثلاثة أرباع عمره في أحضان الشرك، وسايرهم بالأخلاق