مات أبو بكر شيخا ولم تمتد مدة خلافته سوى سنتين فقد كان شيخا في زمن رسول الله، وقد مات رسول الله عن عمر يناهز الثالثة والستين، وقد قام رسول الله بالدعوة للإسلام وبدأ نزول الوحي عليه وهو في سن الأربعين، وأول من آمن به من النساء زوجته المخلصة خديجة بنت خويلد وربيبه علي بن أبي طالب الساكن معه في داره وهو في سن الثالثة عشرة وهذا يدل على أنه كان كامل العقل والذكاء والاخلاص لرسول الله يوم نزلت الآية (وانذر عشيرتك الأقربين)، فاضطر رسول الله انصياعا وطاعة لأمر الله أن يجمع عشيرته بدعوته إياهم لوليمة غداء وقد حضر منهم حوالي أربعين شخصا، وتلا عليهم الآية، بعد تناولهم الغذاء وقال: " ما أظن شابا من العرب أتى قومه بأفضل ما جئتكم به وهو الدين الحنيف، وشهادة أن لا إله إلا الله ومحمد رسول الله، فمن منكم يؤازرني على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي من بعدي؟ " وكررها ثلاثا والقوم صامتون، وفي كل مرة يقوم بها علي ويقول: " أنا يا رسول الله "، فيقعده، وفي الثالثة قال: " إن هذا علي أخي ووصيي وخليفتي عليكم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا ". فضحك بعض القوم وقالوا لأبي طالب: عليك أن تطيع ابنك بعد هذا؟ ويظهر من هذا عدة أشياء: أن القرآن وأوامره انما نزلت أولا بإنذار عشيرته وان عليا سبق الرجال والصبيان أو بعبارة أخرى أسبق الذكور تلبية لدعوة الاسلام وهو لم يبلغ الحلم مضافا إلى ذلك أن (عليا) (عليه السلام) آنذاك رغم كونه لم يبلغ الحلم فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يثق بعقله
(١٥٢)