وهب أن أبا بكر ثبت يوم أحد كما يدعيه الجاحظ، أيجوز له أن يقول ثبت:
كما ثبت علي فلا فخر لأحدهما على الآخر، وهو يعلم آثار علي (عليه السلام) ذلك اليوم، وأنه قتل أصحاب الألوية من بني عبد الدار، منهم طلحة بن أبي طلحة، الذي رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في منامه انه مردف كبشا، فأوله وقال: كبش الكتيبة نقتله. فلما قتله علي (عليه السلام) مبارزة - وهو أول قتيل قتل من المشركين ذلك اليوم - كبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال " هذا كبش الكتيبة ".
وما كان منه من المحاماة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد فر الناس وأسلموه، فتصمد له كتيبة من قريش، فيقول " يا علي! إكفني هذه " فيحمل عليها فيهزمها، ويقتل عميدها، حتى سمع المسلمون والمشركون صوتا من قبل السماء:
لا سيف إلا ذو الفقا * ر ولا فتى إلا علي وحتى قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن جبرائيل ما قال.
أتكون هذه آثاره وأفعاله، ثم يقول الجاحظ: لا فخر لأحدهما على صاحبه!
(ربنا افتح بينا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) (1).
قال الجاحظ: ولأبي بكر في ذلك اليوم مقام مشهور، خرج ابنه عبد الرحمن فارسا مكفرا (2)، يسأل المبارزة، ويقول أنا عبد الرحمن بن عتيق! فنهض اليه أبو بكر يسعى بسيفه، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " شم سيفك وارجع إلى مكانك ومتعنا بنفسك " (3).