إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ١٢ - الصفحة ٢٥
الأنصاري التمر، قال: فمسح وجهه وسماه عبد الله. تفرد به مسلم من هذا الطريق وهذه الألفاظ (1).
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر بن ثابت، عن أنس بن مالك قال: كان لأم سليم من أبي طلحة ابن، فمرض مرضه الذي مات فيه، فلما مات غطته أمه بثوب، فدخل أبو طلحة فقال: كيف أمسى ابني؟ قالت: أمسى هادئا، فتعشى، ثم قالت له في بعض الليل: أريت لو أن رجلا أعارك عارية، ثم أخذها منك إذا جزعت؟ قال: لا.
قالت: فإن الله أعارك ابنك، وقد أخذه منك، قال: فغدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بقولها، وقد كان أصابها تلك الليلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بارك الله لكما في ليلتكما. قال: فولدت له غلاما كان اسمه عبد الله، قال: فذكروا أنه كان من خير أهل زمانه (2).
وخرج البيهقي من حديث مسدد قال: حدثنا أبو الأحوص، حدثنا سعيد بن مسروق عن عباية بن رافع، قال كانت أم أنس بن مالك تحب أبي طلحة

(1) قال الإمام النووي: وفي هذا الحديث فوائد: منها: تحنيك المولود عند ولادته، وهو سنة بالإجماع، ومنها أن يحنكه صالح من رجل أو امرأة، ومنها التبرك بآثار الصالحين وريقهم، وكل شئ منهم، ومنها كون التحنيك بتمر وهو مستحب ولو حنك بغير حصل التحنيك، ولكن التمر أفضل، ومنها جواز لبس العباءة، ومنها التواضع، وتعاطي الكبير أشغاله، وأنه لا ينقص ذلك مروءته، ومنها استحباب التسمية بعبد الله، ومنها استحباب تفويض تسميته إلى صالح فيختار له اسما يرتضيه، ومنها جواز تسميته يوم ولادته. والله تعالى أعلم.
(2) وفي هذا الحديث مناقب لأم سليم رضي الله تبارك وتعالى عنها من عظيم صبرها، وحسن رضاها بقضاء الله تعالى، وجزالة عقلها في إخفائها موته على أبيه في أول الليل ليبيت مستريحا بلا حزن، ثم عشته وتعشت ثم تصنعت له، وعرضت له بإصابته فأصابها. وفيه استعمال المعاريض عند الحاجة لقولها: هو أسكن ما كان، فإنه كلام صحيح، مع أن المفهوم منه أنه قد هان مرضه وسهل وهو في الحياة، وشرط المعاريض المباحة أن لا يضيع بها حق أحد. والله تعالى أعلم.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست